ومع هذا كله، فلا يَدا لك بمقاومة السلطان، ومَنْ يقول: حكمتُ وثبتَ عندي. فالله المستعان!
الطريق الرابعة: طريق من يُفرّق بين أن يحلفَ على فعل امرأته أو فعل نفسه، أو على غير الزوجة، فيقول: إن قال لامرأته: إن خرجتِ من الدار، أو كلّمت رجلًا، أو فعلت كذا، فأنت طالق؛ فلا يقع عليه الطلاق بفعلها ذلك، وإن حلف على فعل نفسه، أو غير امرأته، وحنث، لزمه الطلاق.
وهذا قول أفقه أصحاب مالك على الإطلاق، وهو أشهبُ بن عبد العزيز، ومَحلُّه من الفقه والعلم غيرُ خافٍ.
ومأخذُ هذا: أن المرأة إذا فعلتْ هذا لتطلّق نفسها لم يقع به الطلاقُ، معاقبةً لها بنقيض قصدها، وهذا جارٍ على أصول مالك، وأحمد، ومَنْ وافقهما في مُعاقبة الفارّ من التوريث والزكاة وقاتِلِ مُوَرّثه، والموصي له، ومَنْ دَبّره، بنقيض قصده.
وهذا هو الفقه، لاسيَّما وهو لم يُردْ طلاقها، إنما أراد حَضّها أو منعها، وأن لا تَتَعرّض لما يُؤذيه، فكيف يكون فعلُها سببًا لأعظم أذاه؟ وهو لم يُمَلّكها ذلك بالتوكيل والخيار، ولا مَلّكها الله إيّاه بالفسخ، فكيف تكون الفرقَةُ إليها، إن شاءتْ أقامت معه، وإن شاءتْ فارقتهُ بمجرد حَضّها ومنعها؟ وأي شيء أحسن من هذا الفقه، وأطْرَدُ على قواعد الشريعة؟
الطريق الخامسة: طريق مَنْ يُفصّل بين الحلف بصيغة الشرطِ والجزاءِ، والحلف بصيغة الالتزام:
فالأول: كقوله: إن فعلتُ كذا، أو إن لم أفعله، فأنت طالق.