{أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا}[الكهف: ٥٠]، وقال تعالى في الشيطان:{إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}[النحل: ١٠٠]، وأخبرَ عنه أنه أقسم بعزّة ربه أنه يُغْوي عباده أجمعين، واستثنى أهلَ الإخلاص منهم.
وأخبرَ سبحانه عن أولياء الشيطان أنهم إذا فعلوا فاحشةً احتجُّوا بتقليد أسلافهم، وزعموا أن الله سبحانه أمَرَهُمْ بها، فاتبعوا الظن الكاذب والهوى الباطل.
قال شيخنا رحمه الله: وفى هذا الوصف نصيب كبير لكثير من المنتسبين إلى القبلة: من الصوفية، والعبّاد، والأمراء، والأجناد، والمتفلسفة، والمتكلمين، والعامة، وغيرهم، يستحلّون من الفواحش ما حَرّمه الله ورسوله، ظانِّين أن الله أباحه، أو تقليدًا لأسلافهم، وأصله العشقُ الذي يُبغضه الله، فكثيرٌ منهم يجعله دينًا، ويرى أنه يَتَقَرّب به إلى الله، إما لزعمه أنه يُزَكِّي النفس ويُهَذّبها، وإما لزعمه أنه يجمعُ بذلك قلبه على آدميٍّ، ثم ينتقل إلى عبادة الله وحده، وإما لزعمه أن الصور الجميلة مظاهرُ الحق ومَشاهدهُ، ويسميها مظاهر الجمال الأحَدِيّ، وإما لاعتقاده حُلولَ الربّ فيها أو اتحاده بها.
ولهذا تجد بين نُسّاك هؤلاء وفقرائهم وأمرائهم وأصحابهم توافقًا وتآلفًا على اتخاذ أنداد من دون الله، يحبُّونهم كحبّ الله، إما تَدَيُّنًا، وإما شهوةً، وإما جمعًا بين الأمرين، ولهذا يتآلفون ويجتمعون على السماع الشيطانيّ، الذي يهيِّج الحب المشترك، فُيَهيِّج من كل قلب ما فيه من الحُب.