وهذا من جنس المخادنة، بل هو مخادنة باطنة، كذوات الأخدان اللاتي قال الله تعالى فيهن:{مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ}[النساء: ٢٥]، وقال في حق الرجال:{مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ}[المائدة: ٥]، فيُظهرون للناس أن محبتهم تلك الصورة لله تعالى، ويُبطنون اتخاذها خِدنًا! يتلذذون بها فعلًا، أو تقبيلًا، أو تمتُّعًا بمجرد النظر والمحادثة والمعاشرة.
واعتقادهم أن هذا لله وأنه قربة وطاعة: هو من أعظم الضلال والغَيّ وتبديل الدين، حيث جعلوا ما كرهه الله سبحانه محبوبًا له، وذلك [١٢٣ أ] من نوع الشرك، والمحبوبُ المُتَّخَذُ من دون الله طاغوتٌ، فإن اعتقاد كون التمتع بالمحبة والنظر والمخادنة وبعض المباشرة لله وأنه حُبٌّ فيه: كفر وشرك، كاعتقاد مُحِبّي الأوثان في أوثانهم.
وقد يبلغ الجهل بكثير من هؤلاء إلى أن يعتقد أن التعاون على الفاحشة تعاونٌ على الخير والبر، وأن الجالب محسن إلى العاشق، جدير بالثواب، وأنه ساعٍ في دوائه وشفائه، وتفريج كرب العشق عنه، وأن «من نَفّس عن مؤمن كُرْبة من كُرَب الدنيا نَفّس الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة»(١).
فصل
ثم هُمْ بعد هذا الضلال والغيّ أربعة أقسام:
قوم يعتقدون أن هذا لله، وهذا كثير في طوائف العامة، والمنتسبين إلى الفقر والتصوف، وكثير من الأتراك.