أمِلْ، والمهموز والمعتل يشتركان، فالمهموز: ميل عن الشيء، والمعتل: ميلٌ إليه، واسم الفاعل من المهموز: صابئ بوزن قارئ، ومن المعتل: صابٍ بوزن قاضٍ، وجمع الأول: صابئون كقارئون، والثاني: صابُون كقاضُون، وقد قرئ بهما.
والمقصود أن هذه الأمة قد شاركت جميع الأمم وفارقتهم، فالحنفاءُ منهم: شاركوا أهل الإسلام في الحنيفية، والمشركون: شاركوا عُبَّاد الأصنام، ورأوا أنهم على صواب.
وأكثر هذه الأمة فلاسفة، والفلاسفة يأخذون بزعمهم محاسنَ ما دلَّت عليه العقول، وعقلاؤهم يوجبون اتباع الأنبياء وشرائعهم، وبعضهم لا يوجب ذلك ولا يحرِّمه، وسفهاؤهم وسِفْلتهم يمنعون ذلك، كما سيأتي ذكرُ تلاعب الشيطان بهم بعد هذا.
ولهذا لم يكن هؤلاء ولا الصابئة من الأمم المستقلّة التي لها كتاب ونبيٌّ، وإن كانوا من أهل دعوة الرسل.
فما مِن أمة إلا وقد أقام الله سبحانه عليها حجَّته، وقطع عنها حجّتها:{لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، وتكون حجته عليهم.
والمقصود أن الصابئة فِرَقٌ: فصابئة حنفاء، وصابئة مشركون، وصابئة فلاسفة، وصابئة يأخذون بمحاسن ما عليه أهل الملل والنِّحَلِ من غير تقيد بملَّة ولا نِحْلَة.
ثم منهم من يُقِرّ بالنبوَّات جملةً ويتوقف في التفصيل، ومنهم من يقرّ بها جملة وتفصيلًا، ومنهم من ينكرها [١٤٩ ب] جملة وتفصيلًا.