وأمر مَن عليه الحق أن يُملِلَ، ويتقي ربه، ولا يبخس من الحق شيئًا، فإن تعذّر إملاؤه لسفهه، أو صغره، أو جنونه، أو عدم استطاعته، فَوليُّه مأمور بالإملاء عنه.
وأرشدهم إلى حفظها باستشهاد شهيدين من الرجال، أو رجل وامرأتين، فأمرهم بالحفظ بالنِّصاب التام، الذي لا يحتاج صاحبُ الحقّ معه إلى يمين، ونهى الشهود أن يأبَوْا إذا دُعوا إلى إقامة الشهادة.
ثم أكّد ذلك عليهم بنهيهم أن يمتنعوا من كتابة الحقير والجليل من الحقوق سآمةً ومللًا.
وأخبر أن ذلك أعدل عنده، وأقْوَم للشهادة، فيتذكرها الشاهد إذا عاين خَطّه، فيقيمها، وفى ذلك تنبيهٌ على أن له أن يقيمها إذا رأى خطَّه وتَيَقَّنه، وإلا لم يكن للتعليل بقوله:{وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ}[البقرة: ٢٨٢] فائدة.
وأخبر أن ذلك أقرب إلى اليقين، وعدم الرّيب، ثم رفع عنهم الجُناح بترك الكتابة إذا كان بيعًا حاضرًا فيه التقابُضُ من الجانبين، يأمَنُ به كلُّ واحد من المتبايعين من جُحود الآخر ونِسْيانه.
ثم أمرهم مع ذلك بالإشهاد إذا تبايعوا، خشية الجحود وغَدْر كل واحد منهما بصاحبه، فإذا أشهدَا على التبايع أمِنَا ذلك.
ثم نهى الكاتبَ والشهيدَ عن أن يُضارّا، إما بأنْ يمتنعا من الكتابة والشهادة تَحمّلًا وأداءً، أو أن يَطْلُبا على ذلك جُعْلًا يَضُرّ بصاحب الحق، أو يكتُم الشاهدُ بعض الشهادة، أو يؤخِّرا الكتابة والشهادة تأخيرًا يضرُّ بصاحب الحق، أو يَمْطُلا، ونحو ذلك.