للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

والفتنة بعشق الصور تنافي أن يكون دين العبد كلُّه لله، بل ينقص من كون دينه لله بحسب ما حصل له من فتنة العشق، وربما أخرجت صاحبه من أن يبقى معه شيء من الدين لله، قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩].

فناقَضَ بين كون الفتنة وبين (١) كون الدين كله لله فكلٌّ منهما يناقض الآخر.

والفتنة قد فُسِّرَتْ بالشرك.

فما حصلت به فتنة القلوب، فهو إما شرك، وإما من أسباب الشرك.

وهى جنس تحته أنواع من الشبهات والشهوات.

وفتنة الذين اتخذوا من دون الله أندادًا يحبُّونهم كحبِّ الله: من أعظم الفتن.

ومنه فتنة أصحاب العِجْل، كما قال تعالى لموسى: {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: ٨٥].

وكذلك فتنة العشق من أعظم الفتن، قال تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩]، نزلت في الجَدّ بن قَيْس، لما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَبُوك قال له: «هل لك يا جَدُّ في جِلاد بني الأصفر، تتخذ منهم السَّرَارِيَّ والوُصفَاءَ؟»، فقال جَدٌّ: ائْذَنْ لي في القعود


(١) م: «وهي»، وهو تحريف.