والاحتساب، فإن فاتَهُم الرضا فمعَوَّلهم على الصبر والاحتساب، وذلك يُخفِّف عنهم ثقلَ البلاء ومَؤُونته، فإنهم كلما شاهدوا العِوَض هان عليهم تحمُّل المشاقّ والبلاء، والكفار لا رضا عندهم ولا احتساب، وإن صبروا فكصبر البهائم، وقد نبَّه سبحانه على ذلك بقوله:{وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}[النساء: ١٠٤]. فاشتركوا في الألم، وامتاز المؤمنون برجاء الأجر والزُّلْفَى من الله تعالى.
الأصل الثالث: أن المؤمن إذا أُوذي في الله فإنه محمول عنه بحسب طاعته وإخلاصه، ووجود حقائق الإيمان في قلبه، حتى يُحْمَل عنه من الأذى ما لو كان شيء منه على غيره لعجَز عن حمله، وهذا من دَفع الله عن عبده المؤمن، فإنه يدفع عنه كثيرًا من البلاء، وإذا كان لابدّ له من شيء منه دَفع عنه ثقله ومَؤُونته ومشقَّته وتبعته.
الأصل الرابع: أن المحبَّة كلَّما تمكَّنت في القلب ورَسَخت فيه كان أذى المُحِبِّ في رضا محبوبه مُسْتحلًى غير مسخوط، والمحبُّون يَفْتَخِرُون عند أحبابهم بذلك، حتى قال قائلهم: