وإذا تنازع الزوجان في متاع البيت، أو الصانعان في حانوتٍ، كان القولُ قولَ مَنْ يدّعي منهما ما يَصلحُ له وَحدهُ؛ لغَلَبة الظنّ القريب من القطع باختصاصه به.
وكذلك لو رأينا رجلًا شريفًا حاسِرَ الرأس، وأمامَه داعِرٌ على رأسه عمامةٌ، وبيده عمامةٌ لا تليق به، وهو هاربٌ، فتقديمُ يدِه على الظن المستفاد من كَوْنها يدًا عاديةً مما يُقطعُ ببطلانه.
وكذلك فقيهٌ له كتبٌ في دارِه، وامرأتهُ غير معروفة بشيء من ذلك البتة، فتقديمُ يدها على شاهد حال الفقيه في غاية البعد.
وأين الظنّ المستفاد من هذا وأمثاله إلى الظن المستفاد من النكول، ومن الظن المستفاد من اليد؟ بل أين ذاك الظن من الظن المستفاد من الشاهد واليمين؟
ومن الممتنع أن يُرتّبَ الشارعُ الأحكام على هذه الظنون، ولا يرتبها على الظنون التي هي أقوى منها بمراتبَ كثيرة، بل تكاد تقرب من القطع، كما أنه من المحال أن يُحرِّم التأفيف للوالدين، ويُبيح شَتْمهما وضربهما.
وهل تقديم قولِ المدعى في القسامة إلا اعتمادًا على الظن الواجب باللَّوث؟ وقُدّم هذا الظن على ظنّ البراءة الأصلية لقوَّته.
وقد حكى الله سبحانه في كتابه عن الشاهد الذي شهد من أهل امرأة العزيز، وحكم بالقرائن الظاهرة على براءة يوسف عليه السلام، وكذَّب المرأة، بقوله: {إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (٢٦) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٧) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ