للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: أنهم ينسبون إلى الله سبحانه وتعالى الندم على ما يفعل.

فمن ذلك: قولهم في التوراة التي بأيديهم: «وندم الله سبحانه وتعالى على خَلق البشر الذين في الأرض، وشقّ عليه، وعاد في رأيه»!

وذلك عندهم في قصة قوم نوح.

وزعموا أن الله سبحانه وتعالى وتقدس لما رأى فساد قوم نوح، وأن شرَّهم وكفرهم قد عَظُمَ، ندم على خلق البشر.

وكثيرٌ منهم يقول: إنه بكى على الطُّوفان، حتى رَمِدَ، وعادته الملائكة. وأنه عَضّ على أنامله حتى جرى الدمُ منها.

وقالوا أيضًا: إن الله تعالى ندم على تمليكه شاؤول على بني إسرائيل، وأنه قال: ذلك لشَمويل.

وعندهم أيضًا: أن نوحًا عليه السلام لما خرج من السفينة بدأ ببناء مَذبح لله تعالى، وقرّب عليه قربانين، وأن الله تعالى استنشق رائحة القُتار، فقال الله تعالى في ذاته: «لن أعاود لَعنة الأرض بسبب الناس، لأن خاطر البشر مطبوع على الرداءة، ولن أُهلك جميع الحيوان كما صنعتُ».

وقد واجهوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله تعالى عنهم بأمثال هذه الكفريات، فقال قائل منهم للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله سبحانه وتعالى خلق السماوات والأرض في ستة أيام، ثم استراح، فَشَقّ ذلك على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تعالى تكذيبًا لهم: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} (١).


(١) روى عبد الرزاق في تفسيره (٣/ ٢٣٩) ومن طريقه الطبري في تفسيره (٢٢/ ٣٧٦) عن معمر عن قتادة قال: قالت اليهود: إن الله خلق السموات والأرض في ستة أيام، ففرغ من الخلق يوم الجمعة، واستراح يوم السبت، فأكذبهم الله، وقال: {وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}، ورواه الطبري أيضا (٢٢/ ٣٧٦) من طريق سعيد عن قتادة بنحوه. وورد نحوه عن ابن عباس وأبي بكر والحسن وأبي مجلز.