للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال التاسع والخمسون: إذا سأله عبده أن يُزَوّجه أمَتَه فحلف أن لا يفعل، ثم بَدَا له في تزويجه:

فالحيلة: أن يبيع العبد والأمة لمن يَثِقُ به، ثم يُزَوّجه المشتري، فإذا تم العقد أقالَه في البيع.

ولا بأسَ بمثل هذه الحيلة، فإنها لا تتضمن إبطال حقٍّ، ولا تحليلَ مُحَرَّم، وذلك غيرُ ممتنع على أصلنا؛ لأن الصفة وهي عقد النكاح قد وُجدت في حال زوال ملكه، فلا يتعلق بها حِنثٌ، ولا يحنثُ أيضًا باستدامة التزويج بعد ملكهما؛ لأن التزويج عبارة عن العقد، وقد انقضى، وإنما بقي حكمه.

ولهذا لو حلف: لا يتزوج، فاستدام التزويج، لم يحنث، وهذا بخلاف ما إذا حلف على عبده: أنه لا يدخلُ الدار، فباعه، ودخلها، ثم ملكه، فإن دخلها حَنِثَ؛ لأنه ابتدأ الدخول واليمينُ باقية، ولو دخلها في حال زوال ملكه، ثم ملكه وهو داخل فيها حَنِثَ؛ لأن الدخول عبارة عن الكَوْنِ، وذلك موجود بعد الملك الثاني، فيحنث به، كما لو كان موجودًا في الملك الأول.

وقد قال أحمد في رواية مُهَنّا في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن رهنتِ كذا وكذا، فإذا هي قد رَهَنَته قبل يمينه، فقال: أخاف أن يكون حَنِثَ.

قال القاضي: وهذا محمول على أنه قال: إن كنتِ رهنْتِهِ، وهذا تأويل منه لكلام أحمد.

وظاهر كلامه: أنه جعل استدامة الرّهن بمنزلة ابتدائه، كالدخول.

المثال الستون: إذا كان له عليه مال، فمرض المستحق، وأراد أن يُبرئه منه، وهو يخرج من ثلثه، فخاف أن يكْتُم الورثة ماله، ويقولوا: لم يَدَعْ إلا