المثال الخامس والأربعون: إذا ادّعى عليه أرضًا في يده، أو دارًا، أو بستانًا، فصالحه على عشرة أذْرُعٍ أو أقَلّ أو أكثر جاز، وكذلك لو صالحه على عشرة أذرع من أرض أو دار أخرى جاز؛ لأنه يقول: قد أخذتُ بعض حَقّي وأسقطتُ البعض.
فإن خاف أن يرفَعَه إلى حاكم حنفي، لا يَرى جواز ذلك بناءً على أنه لا يجوز بيعُ ذراع، ولا عشرة من أرضٍ أو دارٍ؛ فطريق الجواز: أن يَذرَع الدار التي صالحه على هذا القدر منها، ثم ينسبه إلى المجموع، فما أخرجته النسبة أوْقَع عقد الصلح عليه، ويصح [٩٣ ب] ذلك ويلزم.
المثال السادس والأربعون: إذا أوصى لرجل بخدمة عبده مُدّةً معينة أو ما عاش جاز ذلك، فإذا أراد الوارث أن يشتري من الموصي له خِدْمة العبد لم يصحّ؛ لأن حَقّ الموصي له إنما هو في المنافع، وبيعُ المنافع لا يجوز.
والحيلة في الجواز: أن يُصالحه الوارث من وَصِيَّته على مال معيَّن، فيجوز ذلك.
وكذلك لو أوصى له بحَمْل شاته، أو أمَتِه، أو بما يَحْمل شَجَرُه عامًا، فإذا أراد الوارث شراءه منه لم يصح، وله أن يُصالحه عليه؛ فإن الصلح وإن كان فيه شائبة من البيع فهو أوسع منه.
المثال السابع والأربعون: لو شَجّه رجلٌ، فعفا المشجوج عن الشّجّة، وما يحدث منها، ثم مات منها، لم يلزم الشاجَّ شيءٌ، ولو قال: عفوتُ عن هذه الجراحة، أو الشجّة، ولم يقل: وما يحدث منها، فكذلك في إحدى الروايتين.