وبه يتبين أن الصحابة رضي الله عنهم أفقه الأمة وأعلمهم بالمعاني المؤثّرة في الأحكام، ولم ينكر أحد من الصحابة على عمر، فهو إجماع منهم.
ثم إن هذه الحيلة التي ذكرها هؤلاء تتعذر غالبًا إذا كان البستان ليتيم أو وقفًا؛ فإن المؤجِر ليس له أن يحابي في المساقاة حينئذٍ.
ولا يخلّص من ذلك محاباةُ المستحقّ في إجارة الأرض؛ فإنه إذا أربحه في عقد لم يجز له أن يُخسّره في عقدٍ آخر.
ولا يخلِّص من ذلك اشتراطُ عقدٍ في عقد، بأن يقول: إنما أساقيك على جُزء من ألف جزء، وبشرط أن أُوجِرك الأرض بكذا وكذا، فإن هذا لا يصح.
فعلى ما فعله الصحابة وهو مقتضى القياس الصحيح لا يحتاج إلى هذه الحيلة، وبالله التوفيق.
المثال الثالث عشر: إذا اشترى دارًا أو أرضًا، وخاف أن تخرج وقفًا أو مستحقة؛ فتؤخذ منه هي وأجرتها.
فالحيلة: أن يضمن البائع أو غيره دَرَك المبيع، وأنه ضامن لما غَرمه المشتري من ذلك، ويصح ضمان الدرك، حتى عند من يُبطل ضمان المجهول، وضمان ما لم يجب، للحاجة إلى ذلك.