للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شملهم، ورأيتهم يقيمونه بعرفات، والناس في الدعاء والتضرّع والابتهال والضجيج إلى الله، وهم في هذا السماع الملعون باليراع والدف والغناء!

فإقرار هذه الطائفة على ذلك فِسقٌ يَقْدحُ في عدالة مَنْ أقرّهم ومنصبِه الديني.

وما أحسن ما قال بعض العلماء (١)، وقد شاهد هذا وأفعالهم:

أَلا قُلْ لَهُمْ قَوْلَ عبد نَصُوحٍ ... وَحَقُّ النَّصِيحَةِ أَنْ تُسْتَمعْ

مَتَى عُلِّمَ الناسُ في دِينِنا ... بأَنّ الغِنَا سُنَّةٌ تُتّبَع

وأَنْ يأكلَ المَرْءُ أَكْلَ الحِمارِ ... وَيَرْقُصَ في الجَمْعِ حَتَّى يقَعْ

وقَالُوا سَكِرْنَا بِحُبِّ الإِلهِ ... وَمَا أسْكَرَ القَوْمَ إلا القِصَعْ

كَذَاكَ البَهَائمُ إِنْ أُشْبِعَت ... يُرَقِّصُهَا رِيُّها والشِّبَعْ

ويُسْكِرُهُ النَّايُ ثُمَّ الغِنا ... و {يَس} لَوْ تُلِيَتْ ما انْصَدَعْ

فيَا لَلْعقُولِ وَيَا لَلنُّهَى ... أَلا مُنْكِرٌ مِنْكُمُ لِلبِدَعْ

تُهَانُ مَسَاجِدُنَا بَالسَّما عِ ... وَتُكْرَمُ عَنْ مِثْلِ ذَاكَ البِيَعْ

وقال آخر، وأحسن ما شاء (٢) (٣):

ذَهَبَ الرِّجَالُ وحال دُونَ مجَالِهمْ ... زُمَرٌ مِنَ الأوْبَاشِ وَالأَنذَالِ

زَعَمُوا بأَنّهُمُ عَلَى آثَارِهِمْ ... سَارُوا ولكِنْ سِيَرةَ البَطّال


(١) الأبيات لظهير الدين ابن عسكر الموصلي في وفيات الأعيان (١/ ٣٨)، وتاريخ إربل (١/ ٣٩٥)، والبداية والنهاية (١٧/ ٣٨).
(٢) «وأحسن ما شاء» ساقطة من م.
(٣) القصيدة للمؤلف، كما يظهر من أسلوبها وموضوعاتها.