للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن كان كاذبًا رجع على عَقِبَيْهِ، وفَرّ من الامتحان كما يَفِرّ من عذاب الله، وإن كان صادقًا ثبت على قوله، ولم يزده الابتلاء والامتحان إلا إيمانًا على إيمانه.

قال تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٢٢].

وأما من لم يؤمن فإنه يُمتحن في الآخرة بالعذاب ويُفْتَنُ به، وهي أعظم المحنتين، هذا إذا سَلِم من امتحانه بعذاب الدنيا ومصائبها وعقوباتها، التي أوقعها الله بمن لم يَتَّبع رسله وعصاهم، فلا بُدّ من المحنة في هذه الدار وفى البرزخ وفى القيامة لكل أحدٍ.

ولكن المؤمن أخفُّ محنةً وأسهلُ بليّةً، فإن الله يَدْفَعُ عنه بالإيمان، ويحمل عنه به، ويرزقه من الصبر والثبات والرِّضا والتسليم ما يُهَوِّنُ به عليه محنته. وأما الكافر والمنافق والفاجر، فتشتد محنته وبَلِيّتُه وتدوم، فمِحْنةُ المؤمن خفيفةٌ منقطعة، ومحنة الكافر والمنافق والفاجر شديدة متِّصلة.

فلا بد من حصول الألم والمحنة لكل نفس آمنت أو كفرت، لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداءً، ثم تكون له عاقبة الدنيا والآخرة، والكافر والمنافق والفاجر تحصل له اللذة والنعمة ابتداءً، ثم يصير إلى الألم، فلا يطمع أحد أنه يَخْلُص من المحنة والألم البتة.

يوضحه:

الأصل العاشر: وهو أن الإنسان مدنيٌّ بالطبع، لا بدّ له أن يعيش مع الناس، والناس لهم إراداتٌ، وتصورّات، واعتقادات، فيطلبون منه [١٣٦ أ] أن