للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ظن أنه يستغنى عما جاء به الرسول، بما يُلْقَى في قلبه من الخواطر والهواجس؛ فهو من أعظم الناس كفرًا، وكذلك إن ظن أنه يكتفي بهذا تارة وبهذا تارة.

فما يُلقى في القلوب لا عبرة به ولا التفات إليه؛ إن لم يُعرض على ما جاء به الرسول ويشهد له بالموافقة؛ وإلا فهو من إلقاء النفس والشيطان.

وقد سُئل عبد الله بن مسعود عن مسألة المُفَوّضة شهرًا، فقال بعد الشهر: «أقول فيها برأيي؛ فإن يكن صوابًا فمن الله، وإن يكن خطًا فمني ومن الشيطان، والله بريء منه ورسوله» (١).

وكتب كاتب لعمر بين يديه: «هذا ما أرى اللهُ عمرَ»، فقال: «لا، امْحُه واكتب: هذا ما رأى عمر» (٢).

وقال عمر أيضًا: «أيها الناس! اتهموا الرأي على الدّين؛ فلقد رأيتُني يوم


(١) رواه عبد الرزاق (٦/ ٢٩٤، ٤٧٩)، وابن أبي شيبة (٣/ ٥٥٦، ٦/ ١٠)، وأحمد (١/ ٤٤٧، ٤/ ٢٧٩)، وأبو داود (٢١١٨)، والنسائي (٣٣٥٤، ٣٣٥٨)، والطبراني في الكبير (٢٠/ ٢٣١، ٢٣٢)، وغيرهم بأسانيد اختُلف فيها، وصححه ابن الجارود (٧١٨)، والطحاوي في شرح المشكل (٩/ ٢١٥، ١٣/ ٣٤٤)، وابن حبان (٤١٠٠، ٤١٠١)، والحاكم (٢٧٣٧)، وابن حزم كما في التلخيص الحبير (٣/ ٤٠٥)، والبيهقي في الكبرى (٧/ ٢٤٦)، وابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٥٧)، وابن الملقن في البدر المنير (٧/ ٦٨٠)، وهو مخرج في الإرواء (١٩٣٩).
(٢) رواه الطحاوي في شرح المشكل (٩/ ٢١٤، ٢١٥) وصححه، والبيهقي في الكبرى (١٠/ ١١٦)، وابن حزم في الإحكام (٢/ ١٠٢٥). قال ابن القيم في إعلام الموقعين (١/ ٥٥): «إسناده في غاية الصحة»، وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٤/ ٤٧٢): «إسناده صحيح».