للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال زيد بن أسْلم: كان ربا الجاهلية: أن يكون للرجل على الرجُل الحقُّ إلى أجل، فإذا حلّ الحقّ قال له غريمه: أتقضي أم تُربي؟ فإن قضاه أخذه، وإلا زاده في حقه، وأخّر عنه في الأجل، رواه مالك (١).

وهذا الربا مُجْمَعٌ [٨٩ ب] على تحريمه وبطلانه، وتحريمه معلومٌ من دين الإسلام، كما يُعلم تحريمُ الزنى، واللواط، والسرقة.

قالوا: فنقصُ الأجل في مقابلة نقصِ العِوض كزيادته في مقابلة زيادته، فكما أن هذا ربا، فكذلك الآخر.

قال المبيحون: صحّ عن ابن عباس (٢) رضي الله عنهما: أنه كان لا يرى بأسًا أن يقول: أُعَجّل لك وتضعُ عني، وهو الذي روى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا أمر بإخراج بني النضير من المدينة جاءه ناسٌ منهم، فقالوا: يا رسول الله! إنك أمرت بإخراجهم، ولهم على الناس ديون لم تحلّ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ضعوا وتعجّلوا».


(١) رواه مالك (١٣٥٣) عنه، ومن طريق مالك رواه البيهقي في الكبرى (٥/ ٢٧٥). ورواه الطبري في تفسيره (٧٨٢٦) من طريق ابن وهب عن ابن زيد عن أبيه قال: «إنما كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السن»، ثم بيّن ذلك.
(٢) رواه عبد الرزاق (٨/ ٧٢)، والطحاوي في شرح المشكل (١١/ ٦١)، والبيهقي في الكبرى (٦/ ٢٨) من طريقين عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق (٨/ ٧٢) عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس. ورواه عبد الرزاق (٨/ ٤٢٩) وابن أبي شيبة (٤/ ٤٧١) ــ ومن طريقه البيهقي (١٠/ ٣٣٥) ــ من طريق جابر الجعفي عن عطاء عن ابن عباس في الرجل يقول لمكاتبه: عجِّل لي وأضع عنك: لا بأس به، وعزاه البوصيري في الإتحاف (٥/ ٤٦١) للحاكم.