والحيلة في جواز ذلك، في الصورة الأولى على وجه لا يُشْبِهُ العينة: أن يُخرج الجارية من مُلْكه، فيبيعها لرجل بالثمن الذي يأخذها به البائع، فيصالح الذي في يده الجاريةُ البائع على أن يَقْبَلها بدون الثمن الذي وقعَ عليه العَقْدُ، ويجعل هذا الثمن الذي يأخذ به الجارية قضاءً عن مُشتري الجارية؛ لأن المشتري الثاني متى صالح البائع، على أن يقبل الجارية بدون الثمن الذي اشتُريت به، فهو عَقْدٌ جرى بينهما مبتدًا، من غير بناء أحدِ العقدين على الآخر، فإذا اشتراها البائعُ من هذا الثاني حصل ثمنُها في ذمَّته له، وله هو على المشتري الأول ثمنُها، فإذا طالبه البائعُ بالثمن أحاله على المشتري الأول، فيتقاصّان.
المثال الخامس والستون: الضمانُ لا يبرئ ذمة المضمون عنه بمجرَّده، حَيًّا كان المضمون عنه أو مَيِّتًا.
وفيه روايةٌ أخرى: أنه يُبرئ ذمة الميت دون الحيّ، وهو مذهب [٩٦ أ] أبي حنيفة.
وفيه قول ثالث: أنه يبرئ ذمة الحي والميت، كالحَوالة، وهو مذهب داود.
فإذا أراد الضامن أن يكون ضمانه مُبرئًا لذمِّة المضمون عنه،
فالحيلة في ذلك أن يقول: لا أضمنُ دينَه إلا بشرط أن تبرئه منه، فمتى أبرأتَه منه فأنا ضامنٌ له.
ويصح تعليقُ الضمان بالشرط في أقوى الوجهين، فإذا أبرأه صحَّت البراءة، ولزم الدينُ الضامن وحده.