للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى الإمام أحمد (١)، عن أبي سعيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها؛ فإن فيها عِبْرة».

فهذه الزيارة التي شرعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأُمته، وعلّمهم إياها، هل تجد فيها شيئًا مما يعتمده أهل الشرك والبدع؟ أم تجدها مُضادّة لما هم عليه من كل وجه؟

وما أحسنَ ما قال مالكُ بن أنس رحمه الله: «لن يُصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أوّلَها».

ولكن كلما ضعُف تمسُّك الأمم بعهود أنبيائهم، ونقص إيمانهم، عُوّضوا عن ذلك بما أحدثوه من البدع والشرك.

ولقد جَرّد السلف الصالحُ التوحيدَ، وحَمَوْا جانبه، حتى كان أحدُهم إذا سلّم على النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم أراد الدعاء، استقبل القبلة، وجعل ظهره إلى جدار


(١) مسند أحمد (٣/ ٣٨) من طريق أسامة بن زيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمّه عن أبي سعيد، وبهذا الإسناد رواه عبد بن حميد (٩٨٥)، والبيهقي في الكبرى (٤/ ٧٧)، وصححه الحاكم (١٣٨٦)، وقال المنذري في الترغيب (٤/ ١٨٩): «رواته محتج بهم في الصحيح»، وتبعه الهيثمي في المجمع (٣/ ١٨٤)، وحسنه الذهبي في المهذب (٣/ ١٤٢٦)، وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص ١٧٩). وروي عن محمد بن يحيى بن حبان مرسلًا. ورواه أحمد (٣/ ٦٣، ٦٦) من طريق محمد بن عمرو بن ثابت عن أبيه عن أبي سعيد بنحوه. ورواه مالك (١٠٣١) ــ ومن طريقه البيهقي في الكبرى (٤/ ٧٧) ــ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد، قال البيهقي: «ربيعة لم يدرك أبا سعيد»، وقال ابن عبد البر في التمهيد (٣/ ٢١٤): «لم يسمع ربيعة من أبي سعيد، وهذا الحديث يتصل من غير حديث ربيعة ويستند إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من طرق حسان ... وهو حديث صحيح».