وأخرج أرباب البدع جميعُهم بدعَهم: في قوالب متنوعة، بحسب تلك البدع.
وأخرج المشركون شِرْكهم: في قالب التعظيم لله، وأنه أجلّ من أن يُتقرّب إليه بغير وسائط وشفعاء وآلهة تُقرِّبهم إليه.
فكلّ صاحبِ باطلٍ لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.
والمقصود: أن أهل المكْرِ والحيل المحرّمة يُخرِجون الباطلَ في القوالب الشرعية، ويأتون بصور العقود، دون حقائقها ومقاصدها.
فصل
وهذا القسم من أقسام الحيل أنواع:
أحدها: الاحتيالُ لحِلّ ما هو حرام في الحال، كالحيل الربوية، وحيلة التحليل.
الثاني: الاحتيالُ على حِلّ ما انعقد سببُ تحريمه، فهو صائر إلى التحريم ولا بدّ، كما إذا علَّق طلاقها بشرطٍ محقَّق، تعليقًا يقع به، ثم أراد منع وقوع الطلاق عند الشرط، فخالعها خُلعَ الحيلة، حتى بانتْ، ثم تزوَّجها بعد ذلك.
الثالث: الاحتيالُ على إسقاط ما هو واجب في الحال، كالاحتيال على إسقاط الإنفاق الواجب عليه، وأداء الدَّين الواجب، بأن يُملّك ماله لزوجته أو ولده، فيصير مُعْسِرًا، فلا يجب عليه الإنفاق والأداء، وكمن يدخل عليه رمضان ولا يريد صومه، فسافر ولا غَرَض له سوى الفِطْر، ونحو ذلك.