الرابع: الاحتيالُ على إسقاط ما انعقد سبب وجوبه ولم يجب، لكنه صائرٌ إلى الوجوب، فيحتالُ حتى يمتنع الوجوبُ، كالاحتيال على إسقاط الزكاة، بتمليكه ماله قبل مضيّ الحَوْل لبعض أهله، ثم استرجاعه بعد ذلك، وهذا النوع ضربان:
أحدهما: إسقاط حق الله تعالى بعد وجوبه، أو انعقاد سببه.
والثاني: إسقاط حقّ المسلم بعد وجوبه، أو انعقاد سببه، كالاحتيال على إسقاط الشفعة التي شُرعت دفعًا للضرر عن الشريك، قبل وجوبها أو بعده.
الخامس: الاحتيالُ على أخذِ حقِّه أو بَعضه أو بَدله بخيانة، كما تقدم، وله صور كثيرة:
منها: أن يجحده دَينه، كما جحده.
ومنها: أن يخونه في وديعته، كما خانه.
ومنها: أن يَغُشّه في بيع مَعيب كما غَشّه هو في بيع مَعِيب.
ومنها: أن يسرق مالَه كما سرق ماله.
ومنها: أن يستعمله بأجرة دون أجرة مثله ظلمًا وعدوانًا، أو غرورًا وخِداعًا، أو غَبْنًا، فيقدر المستأجر له على مال، فيأخذَ تمام أجرته.
وهذا النوع يستعمله كثيرًا أرباب الديوان، ونُظّار الوقوف، والعمال، وجُباة الفَيْء والخراج والجزية والصدقة، وأمثالهم، فإن كان المال مشتركًا بين المسلمين؛ رَتعوا ورَبعوا، ورأى أحدهم أن من الغَبن أن يَفوته شيء منه، ويرى إن عدَل أن له نصفَ ذلك المال، ويسعى في السدس تكملةَ الثلثين،