للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الخروج من بيته، فالشارع جعل إليه ذلك، وأمره أن يقوم على المرأة، ولا يؤتيها ماله، بل يرزقها ويكسوها فيه، وجعلها الله سبحانه في ذلك بمنزلة الصغير والمجنون مع وَلِيّه، كما قال تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ} [النساء: ٥]، قال ابن عباس (١) رضي الله عنهما: لا تعمِد إلى مالك الذي خَوّلك الله، وجعله لك مَعيشة، فتعطيه امرأتك وبنيك؛ فيكونوا هم الذين يقومون عليك في كسوتهم ورزقهم ومُؤنتهم.

فالسفهاء هم النساء والصبيان، وقد جعل الله سبحانه الأزواج قوَّامين عليهم، كما جعل وليّ الطفل قوَّامًا عليه، والقوام على غيره أميرٌ عليه، ومَنْ قَبِلَ قول الزوجة أو الطفل بعد البلوغ في عدم إيصال النفقة إليهما فقد جعلهما قوّامين على الأزواج والأولياء، ولو لم يقبل قولُ الزوج لم يكن قوّامًا على المرأة؛ فإن المرأة إذا كانت غريمًا مقبول القول دون الزوج، كانت هي القوّامة.

وبالجملة فللرجل على امرأته ولاية، حتى في مالها، فإن له أن يمنعها من التبرُّع به؛ لأنه إنما بذل لها المهر لمالها ونفسها، فليس لها أن تتصرف في ذلك بما يمنع الزوج من كمال استمتاعه، وقد سَوّى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين نفقة الزوجات، ونفقة المماليك، وجعل المرأة عانيةً عند الزوج، والعاني: هو الأسير، وهو نوعٌ من الرق، فقال في المرأة: «تُطْعمُها مما تأكلُ، وتكسوها


(١) رواه الطبري (٨٥٦٠)، وابن أبي حاتم (٤٧٩١، ٤٧٩٣) من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس بنحوه، وعزاه في الدر المنثور (٢/ ٤٣٢) لابن المنذر.