فاجتمع الرهبان، وأظهروا كتابه، وفرحوا به، وأثبتوا قول الست مئة والثلاثين أسقفًا، وغلبت اليَعقوبية على الإسكندرية، وقتلوا بَتْرَكًا يقال له: بُولس، وكان مَلْكانيًا، فولى الملك إسطيانوس، فأرسل قائدًا ومعه عسكر عظيم إلى الإسكندرية، فدخل الكنيسة في ثياب البَتْرَكَة، وتقدّم وقدّس، فرمَوْه بالحجارة، حتى كادوا يقتلونه، فانصرف وتوارَى عنهم، ثم أظهر لهم بعد ثلاثة أيام أنه أتاه كتابٌ من الملك، وأمر الحرس أن يجمعوا الناس لسماعه، فلم يبق أحد بالإسكندرية حتى حضر لسماعه، وكان قد جعل بينه وبين جنده علامةً إذا هو فعلها وضعوا السيف في الناس، فصعد المنبر، وقال: يا معشر أهل الإسكندرية! إن رجعتم إلى الحق وتركتم مقالة اليعاقبة، وإلا لم تأمنوا أن يُوجّه الملك إليكم مَنْ يَسْفك دماءكم، فرموه بالحجارة حتى خاف على نفسه، فأظهر العلامة، فوضعوا السيوف على مَنْ بالكنيسة، فقُتل خلقٌ لا يحصيهم إلا الله تعالى، حتى خاض الجند في الدّماء، وظهرت مقالة المَلْكانية بالإسكندرية.
ثم كان لهم بعد ذلك مجمع ثامن.
وذلك أن أسقف مَنْبِجَ كان يقول بالتناسخ، وأنه ليس ثمة قيامة ولا بعثٌ، وكان أُسقف الرُّها وأسقف المِصّيصة وأسقف ثالث يقولون: إن جسد المسيح خيال غير حقيقة، فحشرهم الملك إلى قسطنطينية، فقال لهم بَتركُها: إن كان جسدُهُ خيالًا فيجب أن يكون فعله خيالًا، وقوله خيالًا، وكل جسدٍ نعاينه لأحدٍ من الناس أو فعلٍ أو قول فهو كذلك.
وقال له: إن المسيح قد قام من الموتَى، وأعلمنا أنه كذلك يقومُ الناس يوم الدِّين.