للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الأعراف: ٣٢]، والمعازف قد أبيح بعضها في العُرْس ونحوه، وأبيح الحُداء، وأبيح بعض أنواع الغناء. وهذه الشبهة أقوى بكثير من شُبه أصحاب الحيل.

فإذا كان من عقوبة هؤلاء أن يُمسخ بعضهم قردة وخنازير، فما الظن بعقوبة مَنْ جُرْمُهم أعظم، وفعلهم أقبح؟

فالقوم الذين يُخسَف بهم ويُمسَخون إنما فُعل ذلك بهم من جهة التأويل الفاسد، الذي استحلوا به المحارم بطريق الحيلة، وأعرضوا عن مقصود الشارع وحكمته في تحريم هذه الأشياء، ولذلك مُسخوا قردة وخنازير، كما مُسخ أصحاب السبت بما تأولوا من التأويل الفاسد، الذي استحلوا به المحارم، وخُسف ببعضهم كما خُسف بقارون؛ لأن في الخمر والحرير والمعازف من الكِبْر والخُيَلاء ما في الزينة التي خرج فيها قارون على قومه، فلمّا مَسخوا دين الله تعالى مسخهم الله، ولمّا تكبّروا عن الحق أذلّهم الله تعالى، فلما جمعوا بين الأمرين جَمع الله لهم بين هاتين العقوبتين، {وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ} [هود: ٨٣].

وقد جاء ذكر المسخ والخسف في عدة أحاديث تقدم ذكر بعضها.

فصل

وقد أخبر - صلى الله عليه وسلم - أن طائفة من أمته تستحلّ الربا باسم البيع، كما أخبر عن استحلال الخمر باسم آخر.

فروى ابن بطة (١) بإسناده عن الأوزاعي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على


(١) لم أقف على رواية ابن بطة في كتابه «إبطال الحيل»، ورواه الخطابي في غريب الحديث (١/ ٢١٨) عن عبد العزيز بن محمد المسكي عن ابن الجنيد عن سويد عن ابن المبارك عن الأوزاعي مرسلًا. وذكره شيخ الإسلام في بيان الدليل (ص ٦٧) نقلًا عن ابن بطة.