جَبّار قَصَمهُ الله، ومن ابتغى الهُدى في غيره أضَلّه الله»؛ فإن المُعْرِضَ عن القرآن: إما أن يُعرض عنه كِبْرًا، فجزاؤه أن يَقْصِمَهُ الله، أو طلبًا للهُدَى من غيره، فجزاؤه أن يُضِلَّهُ الله.
وهذا باب واسع جدًّا عظيم النفع، فمن تدبره يجده متضمنًا لمعاقبة الرب سبحانه مَنْ خرج عن طاعته: بأن يعكس عليه مقصوده شرعًا وقَدرًا، دنيا وآخرة.
وقد اطردت سُنّته الكونيَّة سبحانه في عباده، بأنَّ مَنْ مكَر بالباطل مُكِر به، ومن احتال احتِيل عليه، ومن خادع غيره خُدِع. قال الله تعالى:{إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ}[النساء: ١٤٢]، وقال تعالى:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: ٤٣]، فلا تجد ماكرًا إلا وهو مَمْكُورٌ به، ولا مخادعًا إلا وهو مخدوع، ولا محتالًا إلا وهو محتال عليه.
فصل
وإذا تدبرتَ الشريعة وجدتها قد أتت بسدِّ الذرائع إلى المحرمات، وذلك عكسُ فتح باب الحِيَل الموصلة إليها، فالحيلُ وسائلُ وأبوابٌ إلى المحرّمات، وسَدّ الذرائع عكس ذلك، فبين البابين أعظم تناقض، والشارع حَرّم الذرائع، وإن لم يُقْصَدْ بها المحرّم؛ لإفضائها إليه، فكيف إذا قُصِدَ بها المحرم نفسه؟