ولما انتهت النوبة إلى نَصِير الشرك والكفر الملحد، وزير الملاحدة، النّصير الطُّوسي، وزير هُولاكو شفَى نفسَه من أتباع الرسول وأهل دينه، فعَرَضَهم على السّيف، حتى شفَى إخوانه من الملاحدة، واشتفى هو، فقتل الخليفة والقُضَاة والفُقهاء والمحدّثين، واستَبْقَى الفلاسفة والمنجِّمين والطبائعيين والسّحَرة، ونقلَ أوقافَ المدارس والمساجد والرُّبُطِ إليهم، وجعلهم خاصّته وأولياءه، ونصرَ في كُتبه قِدَم العالَم، وبطلان المعاد، وإنكار صفات الرب جل جلاله، من علمه، وقدرته، وحياته، وسمعه، وبصره، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وليس فوق العرش إلهٌ يُعبد البتة.
واتخذ للملاحدة مدارسَ، ورامَ جَعْلَ «إشارات» إمام الملحدين ابن سينا مكان القرآن، فلم يَقْدِرْ على ذلك، فقال:«هي قرآنُ الخواصّ، وذاك قرآنُ العوامّ»، ورَامَ تغيير الصلاة، وجعلها صلاتين، فلم يتم له الأمر، وتَعلّم السحر في آخر الأمر، فكان ساحرًا يعبد الأصنام.
وصارعهُ محمدٌ الشهرستاني في كتاب سماه «المُصَارعة»، أبطلَ فيه قوله بقدَمِ العالَم وإنكار المعاد، ونفي علم الرب تعالى وقدرته، وخلقه للعالَم، فقام له نصير الإلحاد وقعد، ونقضه بكتاب سماه «مُصارعة المصارع (١)» ــ ووقفنا على الكتابين ــ نصر فيه: أن الله تعالى لم يخلق السماوات والأرض في ستة [١٥٤ أ] أيام، وأنه لا يعلم شيئًا، وأنه لا يفعلُ بقدرته واختياره، ولا يبعثُ مَنْ في القبور.
وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر.