للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أجّرها المستأجر صارت المنافع مضمونةٌ عليه للمستأجر الثاني، ومضمونةً له من المؤجّر الأول، وكذلك الثمار إذا بدا صلاحها جاز للمشتري بيعها، وهي مضمونة له على البائع الأول، ومضمونة عليه للمشتري الثاني.

قيل: هذا هو الفرق الذي بُنيَ عليه هذا القول بالمنع (١)، ولكن يقال: أيُّ محذور في ذلك، وأن يكون مضمونًا له وعليه؟

وقولكم: إن ذلك من جهة واحدة، ليس كذلك؛ فإنه مضمون له من جهة كونه مشتريًا، فهو من ضمان البائع حتى يُمكّنه من قَبضه، ومضمونًا عليه من جهة كونه راهنًا، فإذا تلف تَلِفَ من ضمانه، حتى لو اتّحَدت الجهةُ لم يكن في ذلك محذورٌ، بحيث يكون مضمونًا له وعليه من جهة واحدة، كما قلتم: إنه يجوز للمستأجر إجارةُ ما استأجره لمؤجّره، فتكون المنافع مضمونة عليه وله، فأيّ محذور في ذلك؟

فإن قيل: فإذا تلف هذا الرهن، فمِنْ ضمان مَن يكون؟ فالبائع يقول للمشتري: يتلف من ضمانِك؛ لأنه رهن، والمشتري يقول: يتلف من ضمانك؛ لأنه مبيعٌ لم يُقبض، وليس أحدهما بترجيح جانبه أولى من الآخر.

قيل: بل يكون تَلَفه من ضمان البائع؛ لأن ضمانه أسبقُ من ضمان الراهن؛ لأنه لمَّا باعه كان من ضمانه حتى يُسَلّمه، فحبْسُه على ثمنه لا يُسْقِط عنه ضمانه، كما لو حبسه من غير ارتهان، فارتهانه إيّاه لم يُسقط عنه ما لزمه بعقد البيع من التسليم؛ فإنه إنما احتاط لنفسه بعقد الرهن، والراهنُ لم يتعوّض عن الرهن بدين يكون الرهنُ في مقابلته، فإذا تلفَ كان قد انتفع بالدين الذي أخذه في مقابلة الرهن.


(١) في جميع النسخ: «المسح».