للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويُصَدّق من ليس مثله ولا قريبًا منه في ذلك؟ لأنه لم يَرَ أحد النبيّين، ولا شاهد معجزاته، فإذا كذّب بنبوّة أحدهما لزمه التكذيب بنبوتهما، وإن صدّق بأحدهما لزمه التصديق بنبوتهما، فمن كفر بنبيٍّ واحدٍ فقد كفر بالأنبياء كلّهم، ولم ينفعه إيمانه به.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (١٥٠) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (١٥١) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ١٥٠ ـ ١٥٢].

وقال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥].

فنقولُ للمغضوب عليه: هل رأيت موسى وعاينتَ مُعجزاته؟

فبالضرورة يقول: لا.

فنقول له: بأي شيء عرفت نبوته وصِدقه؟

فله جوابان:

أحدهما: أن يقول: أبي عرّفني ذلك وأخبرني به.

والثاني: أن يقول: التواترُ وشهادات الأُمَم حقَّق ذلك عندي، كما حَقّقت شهادتهم وجود البلاد النائية، والبحار، والأنهار المعروفة، وإن لم أشاهدها.