ذريعةً إلى المحرم، يُحَرّمه الشارع بحسب الإمكان، ما لم يُعارِض ذلك مصلحةٌ راجحة تقتضي حِلّهُ، فالتذرُّع إلى المحرّمات بالاحتيال عليها أوْلَى أن يكون حرامًا، وأولى بالإبطال والإهدار إذا عُرف قصد فاعله، وأولى أن لا يُعان فاعله عليه، وأن يعامَلَ بنقيض قَصْده، وأن يُبْطَل [٨١ ب] عليه كَيْدُه ومكْره.
وهذا بحمد الله تعالى بَيِّنٌ لمن له فِقْهٌ وفهم في الشرع ومقاصده.
قال شيخ الإسلام (١) رحمه الله: وتجويز الحيل يُناقض سَدّ الذرائع مناقضةً ظاهرةً؛ فإن الشارع يَسُدّ الطريق إلى ذلك المحرم بكل ممكنٍ، والمحتال يتوسّل إليه بكل ممكن، ولهذا اعتبر الشارع في البيع والصرف والنكاح وغيرها شروطًا سَدّ ببعضها التذرُّع إلى الربا والزنى، وكَمَّل بها مقصود العقود، ولم يُمكن المحتال الخروجُ منها في الظاهر، فيريد الاحتيال على ما منعَ الشارع منه، فيأتي بها مع حيلةٍ أخرى تُوصله بزعمه إلى نفس ذلك الشيء الذي سَدّ الشارع الذريعة إليه، فلم يبق لتلك الشروط التي يأتي بها فائدةٌ ولا حقيقة، بل تبقى بمنزلة العبث واللعب، وتَطْويل الطريق إلى المقصود من غير فائدة.
قال: واعتبر هذا بالشُّفْعَة، فإن الشارع أباحَ انتزاع الشِّقْصِ من مُشتريه، والشارعُ لا يُخرِج الملك عن مالكه بقيمةٍ أو غيرها إلا لمصلحةٍ راجحةٍ، وكانت المصلحة هاهنا تكميل العقار للشريك؛ فإنه بذلك يزول ضَرر المشاركة والمقاسمة، وليس في هذا التكميل ضررٌ على البائع؛ لأن مقصوده من الثمن يحصل بأخذه من المشتري، شريكًا كان أو أجنبيًا.