ولو لم تكن الفتنةُ بعبادة الأصنام عظيمة لما أقدَم عُبّادها على بَذْلِ نفوسهم وأموالهم وأبنائهم دونها، فهم يشاهدون مصارعَ إخوانهم وما حلّ بهم، ولا يزيدهم ذلك إلا حُبًّا لها وتعظيمًا، ويُوصي بعضهم بعضًا بالصبر عليها، وتحمّل أنواع المكاره في نُصرتها وعبادتها، وهم يسمعون أخبار الأمم التي فُتنت بعبادتها، وما حَلّ بهم من عاجل العقوبات، ولا يَثنيهم ذلك عن عبادتها.
ففتنة عبادة الأصنام أشدّ من فتنة عِشْق الصّوَر، وفتنة الفجور بها، والعاشق لا يَثْنِيه عن مُراده خَشْيَةُ عقوبة في الدنيا ولا في الآخرة، وهو يشاهدُ ما يحِلّ بأصحاب ذلك من الآلام والعقوبات، والضرب، والحبس، والنّكال، والفقر، غيرَ ما أعدّ الله له في الآخرة وفي البَرْزخ، ولا يزيده ذلك إلا إقدامًا وحرصًا على الوصول والظفر بحاجته. فهكذا الفتنة بعبادة الأصنام وأشدّ، فإن تألُّهَ القلوب لها أعظمُ من تألُّهها للصور التي يريدُ منها الفاحشة بكثير.
والقرآن بل وسائر الكتب الإلهية من أوّلها إلى آخرها مصرّحةٌ ببطلان هذا الدِّين وكفر أهله، وأنهم أعداءُ لله ورُسله، وأنهم أولياء الشيطان وعُبّاده،