المثال التاسع والأربعون: إذا كان لرجل على رجل دَين، [٩٤ أ] فقال: تصدّق به عَنّي، ففعل، لم يَبْرأ، وكانت الصدقةُ عن المُخْرج ودَينُه باقٍ، قاله أصحابنا؛ لأنه لم يتعين، ولأنه لا يكون مُبرِئًا لنفسه بفعله.
قالوا: وطريق الصحة أن يقول: تصدّق عنى بكذا بقدر دينه، ويكون ذلك اقتراضًا منه، فإذا فعل ثبت له في ذمته ذلك القَدْرُ، وعليه له مثله، فيتقاصّان.
وكذلك لو قال له: ضارِبْ بالمالِ الذي عليك والربحُ بيننا، لم يصح.
والحيلة في صحته أن يقول: أذنتُ لك في دَفْعه إلى ابنك، أو زوجتك وديعةً، ثم وكّلتك في أخذه والمضاربة به.
والظاهر: أنه لا يحتاج إلى شيء من ذلك، ويكفي قبضه من نفسه لربّ المال، وإذا تصدق عنه بالذي قال كان على الأمر، هذا هو الصحيح، وهو تخريج لبعض أصحابنا ولا حاجة به إلى هذه الحيلة، فإذا عَيّنه بالنّية تعيَّن، وكان قابضًا من نفسه لموكله، وأيّ محذور في ذلك؟
المثال الخمسون: يجوز استئجار الأجير بطعامه وكسوته عندنا، وكذلك الدابّة بعلَفِها وكذلك المرضِعة، وهو مذهب مالك.
وقال الشافعي: لا يجوز فيهما.
وجوَّزه أبو حنيفة في الظِّئْرِ خاصة.
فإذا عقد الإجارة كذلك، ثم خاف أن يرفعه إلى حاكم يرى بُطلانها، فيُلْزِمَه بأجرة مثله:
فالحيلة في تصحيح ذلك: أن يستأجره بنقدٍ معلوم، يكون بقدرِ الطعام