للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى جواز أكل الحنطة التي أصابها بول الحمير عند الدِّيَاس من غير غسل، قال: لأن السلف لم يحترزوا من ذلك.

وقالت عائشة: «كنا نأكل اللحم، والدمُ خطوطٌ على القِدر» (١).

وقد أباح الله سبحانه صيد الكلب وأطلق، ولم يأمر بغسل موضع فيه من الصيد ومَعَضّه (٢) ولا تقويره، ولا أمر به رسوله، ولا أفتى به أحدٌ من الصحابة.

ومن ذلك: ما أفتى به عبد الله بن عمر، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، وطاوس، وسالم، ومجاهد، والشعبي، وإبراهيم النخعي، والزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والحكم، والأوزاعي، ومالك، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، والإمام أحمد في أصح الروايتين، وغيرهم: أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة، لم يكن عالمًا بها، أو كان يعلمها لكنه نسيها، أو لم ينسها لكنه عجز عن إزالتها: أن صلاته صحيحة، ولا إعادة عليه.

ومن ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي وهو حامل أمامة بنت ابنته زينب، فإذا ركع وضعها، وإذا قام حملها. متفق عليه (٣).

ولأبي داود (٤): أن ذلك كان في إحدى صلاتي العَشِيّ.


(١) قال النووي في المجموع (٢/ ٥٥٧): «حكاه أصحاب أحمد عن عائشة»، وقال ابن تيمية كما في المجموع (٢١/ ٥٢٤): «ثبت أن الصحابة كانوا يضعون اللحم بالقدر، فيبقى الدم في الماء خطوطًا».
(٢) ح، ظ: «مضغه».
(٣) البخاري (٥١٦)، ومسلم (٥٤٣).
(٤) سنن أبي داود (٩٢٠) من طريق عبد الأعلى عن ابن إسحاق عن سعيد المقبري عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة قال: بينما نحن ننتظر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصلاة في الظهر أو العصر .. الحديث، ورواه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (٤٢٤) من طريق يزيد بن هارون عن ابن إسحاق عن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الظهر أو العصر ــ شكَّ يزيد ــ، ومن طريق أبي بكر رواه الذهبي في السير (٧/ ٥٤)، قال ابن عبد البر في التمهيد (٢٠/ ٩٥): «ذكر فيه محمد بن إسحاق أنه كان في صلاة الفريضة، فمن قبِل زيادته وتفسيرَه جعل حديثه هذا أصلا في جواز العمل في الصلاة، ولعمري لقد عوَّل عليه المصنفون للحديث في هذا الباب، إلا أن الفقهاء على ما وصفتُ لك»، ويؤيّد هذه الزيادةَ لفظٌ لمسلم (٥٤٣): رأيت النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يؤمّ الناس وأمامةُ على عاتقه .. قال النووي في شرحه (٥/ ٣٢): «قوله: «يؤمّ الناس» صريحٌ أو كالصريح في أنه كان في الفريضة»، وصحّح هذه الزيادةَ ابن دقيق العيد في الإحكام (١/ ١٦٢)، وقال الألباني في الإرواء (٢/ ١٠٨): «إسناده جيد لولا أن ابن إسحاق عنعنه»، إلا أن هذه الزيادة لم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد روى ابن أبي الدنيا في العيال (٢٢٧) عن خالد بن خداش عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فعل ذلك في صلاة العصر.