ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: ٢٠]، وهذا عامٌّ في جميع الخلق، امتحن بعضهم ببعض:
فامتحنَ الرُّسُل بالمرسَل إليهم ودعوتهم إلى الحق، والصبر على أذاهم، وتحمُّل المشاقّ في تبليغهم رسالات ربّهم.
وامتحن المرسلَ إليهم بالرسُل، وهل يطيعونهم، وينصرونهم، ويُصَدّقونهم؟ أم يكفرون بهم، ويرُدّون عليهم، ويقاتلونهم؟
وامتحن العلماء بالجُهّال، يعلِّمونهم، ويَنصحونهم، ويَصبرون على تعليمهم، ونُصحهم، وإرشادهم، ولوازم ذلك.
وامتحَن الجهال بالعلماء، هل يطيعونهم، ويهتدون بهم؟
وامتحن الملوكَ بالرّعية، والرعيةَ بالملوك.
وامتحن الأغنياءَ بالفقراء، والفقراءَ بالأغنياء.
وامتحن الضعفاءَ بالأقوياء، والأقوياءَ بالضعفاء.
والسادةَ بالأتباع، والأتباعَ بالسادة.
وامتحن المالكَ بمملوكه، ومملوكَه به.
وامتحن الرجلَ بامرأته، وامرأته به.
وامتحنَ الرجالَ بالنساء، والنساءَ بالرجال.
والمؤمنين بالكفار، والكفار بالمؤمنين.
وامتحنَ الآمرين بالمعروف بمن يأمرونهم، وامتحن المأمورين بهم.
ولذلك كان فقراء المؤمنين وضعفاؤهم من أتباع الرسل فتنةً لأغنيائهم ورؤسائهم، امتنعوا من الإيمان بعد معرفتهم بصدق الرّسُل، وقالوا: {لَوْ كَانَ