يبلغه النداء، أولا يمكنه الذهابُ منه إلى الجمعة، والرجوع في يومه، أو السفر قبل دخول وقتها، ولا يجوز له التحيُّلُ على تركها بعد وجوبها عليه.
وكذلك التحيُّل على منع وجوب الإنفاق على القريب، بأن لا يكتسب مالًا يجب فيه الإنفاق، ولا يجوز له التحيُّل على إسقاط ما وجب من ذلك.
فهذا سِرّ الفرق اعتمده أصحاب الحيل.
وأما المانعون فيجيبون عن ذلك بأن هذا لو أجْدَى على المتحيِّلين لم يُعاقِبِ الله سبحانه وتعالى أصحاب الجنَّة، الذين عزموا على صِرامها ليلًا لئلا يَحضُرهم المساكين، فهؤلاء قصدوا دفع الوجوب بعد انعقاد سببه، وهو نظير التحيُّل لإسقاط الزكاة بعد ثبوت سببها.
وبأن هذا يُبطل حكمة الإيجاب؛ فإن الله سبحانه إنما أوجبها في أموال الأغنياء طُهْرَةً لهم وزكاةً، ورحمة للمساكين، وسَدًّا لفاقتهم، فالتحيُّل على منع وجوبها يعود على ذلك كله بالإبطال.
وبأن الشارع لو جوّز التحيُّل على منع الإيجاب بعد انعقاد سببه لم يكن في الإيجاب فائدة؛ إذ ما مِنْ أحد إلا ويمكنه التحيُّل بأدنى حيلة على الدفع، فيكون الإيجاب عديم الفائدة؛ فإنه إذا أوجبه وجوّز إسقاطه بعد انعقاد سبب الإيجاب عاد ذلك بنقض ما قصده.
وبأنه إذا انعقد سبب الوجوب فقد تعلق الوجوب بالمكلَّف، فلا يمكّنه الشارع من قطع هذا التعلق، ولاسيَّما إذا شارف وقت الوجوب وحضر، حتى كأنه داخل فيه، كما إذا بقي من الحول يوم أو ساعة فالإسقاط هاهنا في حكم الإسقاط بعد الحول سواءً، ومفسدته كمفسدته؛ فإن المصلحة الفائتة بالمنع بعد تلك الساعة كالمفسدة الحاصلة بالتسبُّب إلى المنع قبلها من كل وجه.