وبأن الحكم بعد انعقاد سببه كالثابت الذي قد صَحَّ ووُجِدَ.
وبأن الوجوب قد تحقق بانعقاد سببه، وإنما جَوّز له التأخير إلى تمام الحول توسعةً عليه، ولهذا يجوز له أداء الواجب قبل الحول، ويكون واقعًا موقعه.
ولأن الفرار من الإيجاب إنما يُقصد به الفرار من أداء الواجب، وأن يُسقط ما فرضه الله عليه عند مُضيّ الحول، وليس هذا كمن يترك اكتساب المال الذي يجبُ فيه الزكاة فرارًا من وجوبها عليه، أو ترك بيع الشّقْص فرارًا من أخذ الشفيع له، أو يترك التزوّج فرارًا من وُجوب الإنفاق، [١٠٨ ب] ونحو ذلك؛ فإن هذا لم ينعقد في حقه السبب، بل ترك ما يفضي إلى الإيجاب، ولم يتسبّب إليه، وهذا تحيُّل بعد السبب على إسقاط ما تعلّق به من أداء الواجب، واحتال على قطع سببه بعد ثبوتها.
وأيضًا فإن قطع سببيّة السبب تغييرٌ لحكم الله، وإسقاط للسببيَّة بالتحيُّل، وليس ذلك للمكلّف؛ فإن الله سبحانه هو الذي جعل هذا سببًا بحكمه وحكمته، فليس له أن يبطل هذا الجَعْلَ بالحيلة والمخادعة، وهذا بخلاف ما إذا وَهَبه ظاهرًا وباطنًا أو أنفقه، فإنه لم يحتل بإظهار أمر وإبطان خلافه على منع الإيجاب، وأداء الواجب.
وأيضًا فإنه إذا احتال على منع الإيجاب تضمن ذلك تحيُّلَه على منع أداء الواجب، ومعلوم أن منعَه أداء الواجب فقط أيسرُ من تحيُّله على الآمرين جميعًا.
وأيضًا فإنه لا يصحُّ فراره من الوجوب مع إتيانه لسببه؛ فإن الفارّ من الشيء فارّ من أسبابه، وهذا أحرصُ شيء على الملك الذي هو سبب وجوب