الحقّ عليه، ومن حرصه عليه: تحيّلَ على ترك الإخراج حرصًا وشُحًّا، فهو فارٌّ من أداء الواجب، ظانًّا أنه يفر من وجوبه عليه، والأول حاصل له دون الثاني.
ونُكْتَةُ الفرق: من جهة الوسيلة والمقصود؛ فإن المحتال على المحرمات وإسقاط الواجبات مقصوده فاسدٌ، ووسيلته باطلة؛ فإنه توسَّل بالشيء إلى غير مقصوده، وتوسل به إلى مقصود محرّم.
فإن الله سبحانه إنما جعل النكاح وسيلة إلى المودّة والرحمة، والمصاهرَة والنسل، وغضّ البصر، وحفظ الفرج، والتمتُّع، والإيواء، وغير ذلك من مقاصد النكاح، والمحلِّل لم يتوسّل به إلى شيء من ذلك، بل إلى تحليل ما حرّمه الله تعالى؛ فإنه سبحانه حرّمها على المطلق ثلاثًا عقوبةً له، فتوسَّل هذا بنكاحها إلى تحليلها له، ولم يتوسّل به إلى ما شُرع له، فكان القصد محرّمًا، والوسيلة باطلة.
وكذلك شرع الله البيع وسيلةً إلى انتفاع المشتري بالعين، والبائع بالثمن، فتوسل به المرابي إلى محض الرّبا، وأتى به لغير مقصوده؛ فإنه لا غرض له في تملُّك تلك العين، ولا الانتفاع بها، وإنما غرضه الربا، فتوصّل إليه بالبيع.
وكذلك شرع سبحانه الأخذ بالشفعة دفعًا للضرر عن الشريك، فتوسَّل المبطل لها بإظهار الصّرْف الذي لا حقيقة له إلى إبطالها، فكانت وسيلةً باطلة، ومقصودُهُ مُحرّمًا.
وكذلك الزكاة فرضها رحمةً منه للمساكين، وطُهْرَةً للأغنياء، فتوسّل المسقط لها إلى إبطال هذا المقصود بإظهار عقدٍ لا حقيقة له من بيع أو هبة.