وكذلك القرض شرع الله سبحانه فيه العدل، وأن لا يزداد على مثل ما أقرض، فإذا احتال المقرض على الزيادة فقد احتال على مقصود محرّم بطريق باطلة.
وكذلك بيعُ الثمر قبل بُدُوّ صلاحها باطل؛ لما يُفضي إليه من أكل المال بالباطل، فإذا احتال عليه بأن شَرَطَ القطع ثم تركه حتى يكمل، كان قد احتال على مقصود محرّم بشرط غير مقصود، بل قد علم المتعاقدان وغيرهما أنه لا يقطعه، ولا سيّما إن كان مما لا يُنتفع به قبل الصلاح بوجه، كالتُّوت والفِرْسِكِ، وغيرهما، فاشتراط قطعه خداع مَحْضٌ.
وكذلك سائر الحيل التي تعود على مقصود الشارع وشرعه بالنقض والإبطال؛ غاياتها مُحَرَّمة، ووسائلها باطلة لا حقيقة لها.
وكذلك الفدية والخلع التي شرعها الله ليخلّص كُلَّ واحدٍ من الزوجين من الآخر إذا وقع الشِّقَاقُ بينهما، فجعلوه حيلة للحنث في اليمين، وبقاء النكاح، والله سبحانه إنما شرعه لقطع النكاح، حيث يكون قطعه مصلحة لهما.
وبهذا يتبين لك الفرق بين الحيل التي يُتوصل بها إلى تنفيذ أمر الله سبحانه تعالى ورسوله وإقامة دينه [١٠٩ أ]، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونصر المحق، وكسر المبطل؛ والحيل التي يُتوصل بها إلى خلاف ذلك.
فتحصيل المقاصد المشروعة بالطرق التي جعلت موصلة إليها شيء، وتحصيل المقاصد الفاسدة بالطرق التي شرعت لغيرها شيء آخر.