للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وممن اختار هذا القول: شيخنا في كتابه «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح» (١).

قال: وهذا كما في التوراة عندهم: أن الله سبحانه وتعالى قال لإبراهيم عليه السلام: «اذبح ولدك بكرك ووحيدك إسحاق».

فـ «إسحاق» زيادة منهم في لفظ التوراة.

قلت: وهي باطلة قطعًا من وجوه عشرة (٢):

أحدها: أن بِكره ووحيده: هو إسماعيل باتفاق الملل الثلاث، فالجمعُ بين كونه مأمورًا بذبح بِكره، وتعيينه بإسحاق: جمع بين النقيضين!

الثاني: أن الله سبحانه وتعالى أمر إبراهيم أن يَنْقُل هاجر وابنها إسماعيل عن سارة، ويُسكنهما في برية مكة لئلا تَغير (٣) سارة، فأُمر بإبعاد السُّرِّيَّة وولدها عنها، حفظًا لقلبها، ودفعًا لأذى الغَيْرة عنها، فكيف يأمر سبحانه وتعالى بعد هذا بذبح ابن سارة وإبقاء ابن السُّرّية؟ فهذا مما لا تقتضيه الحكمة.

الثالث: أن قصة الذبح كانت بمكة قطعًا، ولهذا جعل الله تعالى ذبح الهدايا والقرابين بمكة، تذكيرًا للأمّة بما كان من قصة أبيهم إبراهيم مع ولده.


(١) الجواب الصحيح (١/ ٣٦٨).
(٢) انظر في هذا الموضوع «الرأي الصحيح في من هو الذبيح» للعلامة الفراهي. وللقاضي أبي بكر ابن العربي والسبكي والسيوطي وغيرهم رسائل مفردة في مسألة الذبيح.
(٣) كذا في النسخ، وهو عاميّ. والفعل غار يغار من باب سمع.