للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي مدينة دمشق من ذلك مواضع متعددة، كعُوينة الحمى خارج باب تُوماء (١)، والعمود المخلّق داخل باب الصغير، والشجرة الملعونة اليابسة خارج باب النصر، في نفس قارعة الطريق، سهّل الله تعالى قطْعها واجتثاثَها من أصلها! فما أشبهها بذات أنواط التي في الحديث.

ثم ساق حديث أبي واقدٍ: أنهم مَرّوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشجرة عظيمة خضراء، يقال لها: ذات أنواط، وأنهم قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجعلْ لنا ذاتَ أنواط كما لهم ذاتُ أنواط، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الله أكبر! هذا كما قال قوم موسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [الأعراف: ١٣٨]؛ لترْكَبُنَّ سَنَنَ من كان قبلكم». قال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح» (٢).

ثم ذكر ما صنعه بعض أهل العلم ببلاد إفريقية، أنه كان إلى جانبه عين تُسمى عين العافية، كان [٦٠ أ] العامة قد افتتنوا بها، يأتونها من الآفاق، فمن تعذّر عليه نكاحٌ أو ولد قال: امضُوا بي إلى العافية، فتعرف فيها الفتنة (٣)، فخرج في السَّحَر فهدمها، وأذّن للصبح عليها، ثم قال: اللهم إني هدمتها لك، فلا ترفع لها رأسًا، قال: فما رفع لها رأس إلى الآن.

وقد كان بدمشق كثير من هذه الأنصاب، فيسّر الله سبحانه كسرها على يد شيخ الإسلام وحزب الله الموحِّدين، كالعامود المخَلّق، والنُّصْب الذي كان بمسجد النارنج عند المصلى ىعبده الجهال، والنُّصْب الذي كان تحت الطاحون، الذي عند مقابر النصارى، ينتابه الناس للتبرك به، وكان صورة


(١) في الأصل: «توما»، وهي ممدودة كما في معجم البلدان (٢/ ٥٩).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ح: «الفقيه».