للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالشيطان بالرَّصدِ للإنسان على طريق كل خير.

وقال منصور عن مجاهد: «ما من رفقة تخرج إلى مكة إلا جهَّز معهم إبليس مثل عدتهم». رواه ابن أبي حاتم في «تفسيره» (١).

فهو بالرَّصد، ولاسيما عند قراءة القرآن، فأمر سبحانه العبد أن يحارب عدُوَّه الذي يقطع عليه الطريق، ويستعيذ بالله منه أولًا، ثم يأخذ في السير، كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه، ثم اندفع في سيره.

ومنها: أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتيَّ به بعدها القرآن، ولهذا لم تُشرَع الاستعاذة بين يدي كلام غيره، بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة، فإذا سمع السامع الاستعاذة استعدَّ لاستماع كلام الله، ثم شُرع ذلك للقارئ وإن كان وحده (٢)؛ لما ذكرنا من الحكم وغيرها.

فهذه بعض فوائد الاستعاذة.

وقد قال أحمد في رواية حنبل: «لا يقرأ في صلاة ولا غير صلاة إلا استعاذ؛ لقوله عز وجل: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: ٩٨]».

وقال في رواية ابن مُشَيْشٍ: «كلما قرأ يستعيذ».

وقال عبد الله بن أحمد: سمعت أبي إذا قرأ استعاذ، يقول: «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إن الله هو السميع العليم».


(١) لم يعزه في الدر المنثور (٣/ ٤٢٦) إلا لابن المنذر.
(٢) م: «بعده».