للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الزَّجاج (١): معناه: لا تُظهرهم علينا، فيظنوا أنهم على حقٍّ، فيفتتنوا بذلك.

وقال الفرّاء (٢): لا تُظهر علينا الكفار، فيَرَوْا أنهم على حقٍّ وأنا على باطل.

[١٢٨ ب] وقال مقاتل (٣): لا تُقَتِّرْ علينا الرزق وتبسطه عليهم، فيكون ذلك فتنةً لهم.

وقد أخبر الله سبحانه أنه قد فَتن كلًا من الفريقين بالفريق الآخر، فقال: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}، وقال تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [الأنعام: ٥٣].

والمقصود أنه سبحانه فَتَنَ أصحاب الشهوات بالصور الجميلة، وفتن أولئك بهم، فكلٌّ من النوعين فتنةٌ للآخر، فمن صبر منهم على تلك الفتنة نجا مما هو أعظم منها، ومن أصابته تلك الفتنةُ سقط فيما هو شرّ منها، فإن تدارك ذلك بالتوبة النصوح، وإلا فبسبيل مَنْ هلك، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما تركتُ بعدي فتنةً أضرّ من النساءِ على الرجال» (٤) أو كما قال.

فالعبدُ في هذه الدار مفتونٌ بشهواته، ونفسه الأمّارة، وشيطانه المُغوِي المزَيِّن، وقُرنائه، وما يراه ويشاهده مما يعجز صبره عنه، ويتفق مع ذلك


(١) معاني القرآن له (٥/ ١٥٧).
(٢) معاني القرآن (٣/ ١٥٠).
(٣) تفسير مقاتل (٣/ ٣٥٠). وفيه: فيكون ذلك فتنة لنا.
(٤) أخرجه البخاري (٥٠٩٦)، ومسلم (٢٧٤٠) عن أسامة بن زيد.