للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك منها، وأنه عادتها ودأبها إلا إذا رحمها الله، وجعلها زاكيةً تأمر صاحبها بالخير، فذلك من رحمة الله، لا منها، فإنها بذاتها أمارة بالسوء؛ لأنها خلقت في الأصل جاهلة ظالمة إلا من رحمه الله (١)، والعلمُ والعدلُ طارئٌ عليها بإلهام ربِّها وفاطرها لها ذلك، فإذا لم يُلِهمْها رشدَها بقيتْ على ظلمها وجهلها، فلم تكن أمَّارة إلا بموجب الجهل والظلم، فلولا فضل الله ورحمته على المؤمنين ما زَكَتْ منهم نفس واحدة.

فإذا أراد سبحانه بها خيرًا جعل فيها ما تزكو به وتصلح من الإرادات والتصورات، وإذا لم يُرِدْ بها ذلك تركها على حالها التي خُلقت عليها من الجهل والظلم.

وسبب الظلم: إما جهل، وإما حاجة، وهي في الأصل جاهلة، والحاجة لازمة لها، فلذلك كان أمرها بالسوء أمرًا لازمًا (٢) لها إن لم تدركها رحمة الله وفضله.

وبهذا يُعلم أن ضرورة العبد إلى ربه فوق كل ضرورة، ولا تُشبِهها ضرورة تُقاس بها؛ فإنه إن أمسك عنه رحمته وتوفيقه وهدايته طرفة عينٍ خسِر وهلك.

فصل

وأما اللوّامة فاختُلِف [٢٤ أ] في اشتقاق هذه اللفظة: هل هو من التلوُّم؛ وهو التلوُّن والتردد؟ أو من اللوم؟ وعبارات السلف تدور على هذين المعنيين.


(١) «إلا من رحمة الله» زيادة من ح.
(٢) م، ظ: «أمر لازم».