للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإدراكه، ويَعدُهم الوصول إليه من غير طريقه، فكل مُبطِلٍ فله نصيبٌ من قوله: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} [النساء: ١٢٠].

ومن ذلك قوله تعالى: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: ٢٦٨].

قيل: {يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ}، يخوّفكم به، يقول: إن أنفقتم أموالكم افتقرتم.

{وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}، قالوا: هي البخل في هذا الموضع خاصة.

ويُذكر عن مقاتل (١) والكلبي (٢): «كل فحشاء في القرآن فهي الزنى إلا في هذا الموضع؛ فإنها البخل».

والصواب أن الفحشاء على بابها، وهي كل فاحشة، فهي صفة لموصوف محذوفٍ، فحذف موصوفها إرادةً للعموم؛ أي بالفَعْلة الفحشاء، والخُلّة الفحشاء، ومن جملتها البخل.

فذكر سبحانه وعد الشيطان وأمره، يأمر بالشر، ويُخوِّف من فعل الخير، وهذان الأمران هما جماع ما يطلبه الشيطان من الإنسان؛ فإنه إذا خوّفه من فعل الخير تركه، وإذا أمره بالفحشاء وزيّنها له ارتكبها.

وسمَّى سبحانه تخويفه وَعْدًا؛ لانتظار الذي خوَّفه إياه كما ينتظر الموعود ما وُعد به.

ثم ذكر سبحانه وعده على طاعته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، وهى المغفرة والفضل، فالمغفرة: وقاية الشر، والفضل: إعطاء الخير.


(١) انظر: تفسير الثعلبي (٢/ ٣٩، ٢٧٠)، وتفسير القرطبي (٢/ ٢١٠).
(٢) انظر: تفسير البغوي (١/ ٣٣٣). والبسيط للواحدي (٤/ ٤٢٩).