للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحوائج منهم، واعتقاد أن الصلاة عند قبورهم أفضل منها في المساجد، وغير ذلك، مما هو محادّة ظاهرة لله ورسوله؟

فأين التعليل بنجاسة البقعة من هذه المفسدة مما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قصد منع الأمة من الفتنة بالقبور؛ كما افتتن بها قوم نوح ومن بعدهم؟

ومنها: أنه لعن المتخذين عليها المساجد، ولو كان ذلك لأجل النجاسة لأمكن أن يتخذ عليها المسجد مع تطيينها بطين طاهر، فتزول اللعنة، وهو باطل قطعًا.

ومنها: أنه قرن في اللعنة بين متخذي المساجد عليها، وموقدي السُّرُج عليها، فهما في اللعنة قرينان، وفى ارتكاب الكبيرة صِنوان؛ فإن كل ما لَعَن عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو من الكبائر، ومعلوم أن إيقاد السُّرج عليها إنما لُعن فاعله لكونه وسيلة إلى تعظيمها، وجعلها نُصُبًا يُوفِضُ إليه المشركون، كما هو الواقع، فهكذا اتخاذ المساجد عليها، ولهذا قرن بينهما؛ فإن اتخاذ المساجد عليها تعظيم لها، وتعريض للفتنة بها، ولهذا حكى الله سبحانه عن المتغلِّبين على أمر أصحاب الكهف، أنهم قالوا: {لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا} [الكهف: ٢١].

ومنها: أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم لا تجعل قبري وثنًا يُعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (١)، فذِكْرُهُ ذلك عَقيبَ قوله: «اللهم


(١) رواه مالك (٤١٤) ــ ومن طريقه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/ ٢٤٠) ــ عن زيد ابن أسلم عن عطاء بن يسار به مرسلا، ورُوي موصولا من طريق أخرى عن زيد عن عطاء عن أبي سعيد. ورواه الحميدي (١٠٢٥) ــ ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (٧/ ٣١٧) ــ وابن سعد (٢/ ٢٤١) وأحمد (٢/ ٢٤٦) والبخاري في التاريخ الكبير (٣/ ٤٧) والمفضل الجندي في فضائل المدينة (٥١) وأبو يعلى (٦٦٨١) وغيرهم عن ابن عيينة عن حمزة بن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا، قال البوصيري في إتحاف الخيرة (٣/ ٢٦٠): «رجاله ثقات»، وصححه الألباني في أحكام الجنائز (ص ٢١٧). وفي الباب عن عمر وعن سعيد بن أبي سعيد مولى المهري.