للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال الثاني عشر: لا تجوز إجارة الأشجار؛ لأن المقصود منها الفواكه، وذلك بمنزلة بَيْعِها قبل بُدُوِّها.

قالوا: والحيلة في جوازه: أن يُؤجِره الأرض، ويُساقيه على الشجر بجزءٍ معلوم.

قال شيخ الإسلام: وهذا لا يُحتاج إليه، بل الصواب جواز (١) إجارة الشجر، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بحديقة أُسَيد بن حُضير، فإنه آجرها سنين (٢)، وقضى بها دَيْنَه (٣).

قال: وإجارة الشجر لأجل (٤) ثمرها بمنزلة إجارة الأرض لمغَلّها؛ فإن المستأجر يقوم على الشجر بالسقي والإصلاح والزِّيار (٥) في الكَرْم، حتى تحصل الثمرة، كما يقوم على الأرض بالحَرْث والسّقي والبَذْرِ، حتى يحصل


(١) «جواز» ساقطة من م.
(٢) م: «سنتين».
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٥/ ١٤) عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن سعد مولى عمر أن أسيد بن حضير مات وعليه دين، فباع عمر ثمرة أرضه سنتين. ورواه بن السكن ــ كما في الإصابة (١/ ٨٣) ــ وابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ٩٤) من طريقين عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما مات أسيد باع عمر ماله ثلاث سنين فوفى بها دينه، وقال: لا أترك بني أخي عالة، فردَّ الأرض وباع ثمرها. هذا لفظ ابن السكن، ولفظ ابن عساكر: أربع سنين. ورواه ابن سعد في الطبقات (٣/ ٦٠٦) من طريق عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، وفيه أنه باعها أربع سنين.
(٤) في بعض النسخ: «لأخذ».
(٥) كل ما كان صلاحًا لشيء وعصمةً له.