للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكير (١)، عن أبي خَلدة خالد بن دينار، قال: حدثنا أبو العالية، قال: لما فتحنا تُسْتَر وجدنا في بيتِ مال الهُرْمُزان سريرًا عليه رجل ميت، عند رأسه مصحف له، فأخذنا المصحف، فحملناه إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فدعا له كَعبًا، فنسخه بالعربية، فأنا أولُ رجل من العرب قرأه، قرأته مثل ما أقرأ القرآن، فقلت لأبي العالية: ما كان فيه؟ قال: سيرتُكم وأموركم ولُحون (٢)

كلامكم، وما هو كائن بعدُ، قلت: فما صنعتم بالرجل؟ قال: حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرًا متفرقة، فلما كان الليلُ دفنّاه وسوينا القبور كلها، لنُعَمِّيَه على الناس لا يَنْبشونه، فقلت: وما يرجون منه؟ قال: كانت السماء إذا حُبست عنهم أبرزوا السرير فيُمْطَرون، فقلت: من كنتم تظنون الرجل؟ قال: رجل يقال له: دانيال، فقلت: مُنذْ كَمْ وجدتموه مات؟ قال: منذ ثلاث مئة سنة، قلت: ما كان تغير منه شيء؟ قال: لا؛ إلا شُعيرات من قَفاه، إن لحوم الأنبياء لا تُبليها الأرض، ولا تأكلها السباع.

ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره؛ لئلا يفتتن به الناس، ولم يُبْرزوه للدعاء عنده والتبرك به، ولو ظفر به المتأخرون [٥٨ أ] لجالدوا عليه بالسيوف، ولعبدوه من دون الله، فهم قد اتخذوا من القبور أوثانًا مَنْ لا يُداني هذا ولا يقاربه، وأقاموا لها سَدنَة، وجعلوها معابد أعظم من المساجد.

فلو كان الدعاء عند القبور، والصلاة عندها، والتبرك بها فضيلةً أو سنة أو مباحًا، لنصب المهاجرون والأنصار هذا القبر عَلَمًا لذلك، ودعوا عنده،


(١) م: «بكر» تحريف.
(٢) م: «لحوف». ح: «لحوت» تحريف ..