للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيح، أو حسن، أو ضعيف، أو منقطع: أنهم كانوا إذا كان لهم حاجة قصدوا القبور فَدَعَوْا عندها، وتمسّحوا بها، فضلًا أن يُصلّوا عندها، أو يسألوا الله بأصحابها، أو يسألوهم حوائجهم؟ فَلْيُوقِفونا على أثر واحد، أو حرف واحد في ذلك.

بلى؛ يمكنهم أن يأتوا عن الخُلوف التي خلفت بعدهم بكثير من ذلك، وكلما تأخر الزمان وطال العهد كان ذلك أكثر، حتى لقد وُجد في ذلك عدَّة مصنَّفات ليس فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عن خلفائه الراشدين ولا عن أصحابه حرف واحد من ذلك، بلى؛ فيها من خلاف ذلك كثير، كما قدمناه من الأحاديث المرفوعة.

وأما آثار الصحابة فأكثر من أن يُحاط بها، وقد ذكرنا إنكار عمر على أنس صلاته عند القبر، وقوله له: «القبر القبر» (١).

وقد ذكر محمد بن إسحاق في «مغازيه» (٢) من زيادات يونس بن


(١) تقدم تخريجه.
(٢) السيرة لابن إسحاق (١/ ٤٣ - ٤٤)، ومن طريق ابن بكير رواه البيهقي في الدلائل (١/ ٣٨١)، قال ابن كثير في البداية والنهاية (٢/ ٤٩): «هذا إسناد صحيح إلى أبي العالية». ورواه نعيم في الفتن (٣٧) عن محمد بن يزيد عن أبي خلدة بنحوه مقتصرًا على شأن المصحف. ويقوّيه ما رواه ابن أبي شيبة (٧/ ٤) عن شاذان عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن أنس أنهم لما فتحوا تستر قال: فوجد رجلًا أنفه ذراع في التابوت، كانوا يستظهرون أو يستمطرون به، فكتب أبو موسى إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب عمر: إن هذا نبيّ من الأنبياء، والنار لا تأكل الأنبياء، والأرض لا تأكل الأنبياء، فكتب إليه أن انظر أنت وأصحابك فادفنوه في مكان لا يعلمه أحد غيركما، قال: فذهبتُ أنا وأبو موسى فدفنّاه. ولقصّة دفن دانيال طرق أخرى.