للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن ذلك: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} [النساء: ١٩]، فحرّم سبحانه وتعالى أن يأخذ منها شيئًا مما آتاها إذا كان قد تَوَسّل إليه بالعَضْلِ.

ومن ذلك: أن جَدَاد النّخل عَملٌ مباح أيَّ وقتٍ شاء صاحبُه، لكن لمَّا قصد أصحابُه به في الليل حرمانَ الفقراء عاقبهم الله تعالى بإهلاكه، ثم قال: {وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [القلم: ٣٣]، ثم جاءت السنة بكراهة الجداد بالليل (١) لكونه ذريعة إلى هذه المفسدة.

ونص عليه غير واحد من الأئمة، كأحمد بن حنبل وغيره.

فصل (٢)

قال أصحاب الحيل: قد أسمعتمونا على بطلان الحيل وتحريمها ما فيه كفايةٌ، فاسمعوا الآن على جوازها واستحبابها ما يُقِيم عذرَنا:

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (٩٧) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (٩٨) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ} [النساء: ٩٧ ـ ٩٩].

ووجه الاستدلال: أنه سبحانه إنما عذرَهم بتخلُّفهم وعجْزِهم؛ إذ لم


(١) أخرجه أبو داود في المراسيل (١٢٧، ١٢٨، ١٢٩) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن الحسين مرسلًا.
(٢) «فصل» ساقطة من الأصل.