ويحكم ما يُريد، وجعلوا هذه الشبهة الشيطانية تُرْسًا لهم في جَحْد نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقرّروا ذلك بأن النسخ يستلزم البَداءَ، وهو على الله تعالى محالٌ.
وقد أكذبهم الله سبحانه في نَصّ التوراة، كما أكذبهم في القرآن.
فتضمنت هذه الآيات بيان كَذِبهم صريحًا في إبطال النسْخ، فإنه سبحانه وتعالى أخبر أن الطعام كُلّه كان حِلًّا لبني إسرائيل قبل نزول التوراة، سوى ما حَرّمَ إسرائيل على نفسه منه.
ومعلومٌ أن بني إسرائيل كانوا على شريعة أبيهم إسرائيل ومِلَّته، وأن الذي كان لهم حَلالًا إنما كان بإحلال الله تعالى له على لسان إسرائيل والأنبياء بعده إلى حين نزول التوراة، ثم جاءت التوراة بتحريم كثير من المآكل عليهم، التي كانت حلالًا لبني إسرائيل، وهذا محضُ النّسخ.
وقوله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ} متعلِّق بقوله: {كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} أي: كان لهم حلالًا قبل نزول التوراة، وهم يعلمون ذلك.
ثم قال تعالى:{قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} هل تجدون فيها أن إسرائيل حرّم على نفسه ما حَرّمته التوراة عليكم؟ أم تجدون