فسمّى هؤلاء الذين إن أعطوا رضوا وإن مُنعوا سخطوا عبيدًا لهذه الأشياء، لانتهاء محبتهم ورضاهم ورغبتهم إليها.
فإذا شُغف الإنسان بمحبة صورة لغير الله، بحيث يرضيه وُصولُهُ إليها وظَفَرُه بها، ويُسخِطه فَوَات ذلك، كان فيه من التعبُّد لها بقدر ذلك.
ولهذا يجعلون الحب مراتب: أوله العلاقة، ثم الصبّابة، ثم الغرام، ثم العشق، وآخر ذلك: التَّتَيُّم، وهو التعبُّد للمعشوق، فيصير العاشق عبدًا لمعشوقه.
والله سبحانه إنما حكى عشق الصور في القرآن عن المشركين:
فحكاه عن امرأة العزيز، وكانت مشركة على دين زوجها، وكانوا مشركين، وحكاه عن اللوطيَّة، وكانوا مشركين، فقال تعالى في قصَّتهم:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الحجر: ٧٢].
وأخبر سبحانه أنه يصرفه عن أهل الإخلاص، فقال:{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ}[يوسف: ٢٤].
وقال عن عدوه إبليس إنه قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلِصِيْنَ} (١)[ص: ٨٢، ٨٣]، وقال تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر: ٤٢]، والغاوي ضدّ الراشد، والعشق المحرَّم من أعظم الغَيّ.
لهذا كان أتباعُ الشعراء وأهل السماع الشعريّ غاوين، كما سماهم تعالى