للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المثال التاسع والسبعون: قال أصحابنا: لا يملك البائع حبس المبيع على قبض ثمنه، بل يُجبَر على تسليمه إلى المشتري، ثم إن كان الثمن مُعينًا فتشاحنا في المبتدئ بالتسليم، جُعل بينهما عَدلٌ يقبضُ منهما، ويُسلّم إليهما، وإن كان دينًا أُجبر البائع على التسليم، ثم يُجبَرُ المشتري على دَفع الثمن، فإن كان مالُه غائبًا عن المجلس حُجر عليه في ماله كله، حتى يُسلّم الثمن، وإن كان غائبًا عن البلد فَوْقَ مسافة القصر ثبت للبائع الفسخ، وإن كان دونها فهل يُحْجر عليه، أو يثبتُ للبائع الفسخ؟ على وجهين، وإن كان المشتري مُعسرًا فللبائع الفسخ والرجوع في عَيْن ماله، هذا منصوص أحمد والشافعي.

وللشافعية وجه: أن تُباع السلعة، ويُقضى دينه من ثمنها، فإن فضل له فضلٌ أخذه، وإن فضل عليه شيء استقر في ذمته.

والصحيح: أن البائع يملك حَبس السلعة على الثمن، حتى يقبضه، هذا هو مُوجب العدل، وإلا ففي تمكين المشتري من القبض قبل الإقباض إضرار بالبائع؛ فإنه قد يتلف المبيع بأن يكون طعامًا أو شرابًا فيستهلكه، ويتعذّر أو يتعسر عليه (١) مطالبته بالثمن، فيضُرّ به ولا يزول ضرره إلا بحبس المبيع على ثمنه.

وعلى هذا لو دفع الثمن إلا درهمًا منه، فله حَبْس المبيع كله على باقي الثمن، كما نقول في الرهن.

وفيه قول آخر: أنه يملك أن يتسلَّم من المبيع بقدر ما دفع من الثمن؛


(١) «عليه» ساقطة من م.